تمكّن الجيش الصومالي في الفترة الأخيرة من استعادة مناطق واسعة من حركة شباب المجاهدين، وقد ساندته في هجومه مليشيات محلية وقوات الاتحاد الأفريقي والطائرات المسيرة التركية والأميركية.
ففي غضون 3 أشهر، يقول مراسل صحيفة لوموند (Le Monde) الفرنسية في العاصمة الكينية نيروبي، استطاع هذا التحالف أن يستولي على حوالي 40 تجمعا محليا، بعضها لم يخرج من سيطرة حركة الشباب منذ 7 سنوات مثل قرية “مسجد علي غدود”.
ويتكون هذا التحالف من قوات الجيش الصومالي، وقوات النخبة التي دربتها تركيا، و22 ألف جندي من بعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية في الصومال (أتميس)، بالإضافة إلى العديد من المليشيات والفلاحين المدنيين، كل ذلك مع دعم جوي من المسيرات التركية بيرقدار ومسيرات أميركية كذلك.
ولفت المراسل إلى أن عناصر حركة الشباب كثفوا من هجماتهم في الأسابيع الأخيرة، فاستهدفوا إدارة محلية وفندقا وقاعدة عسكرية، مشفعين ذلك بكمٍّ هائل من رسائل واتساب التخويفية التي تنذر بالمزيد والمزيد من الهجمات التي تستهدف في المقام الأول أعضاء الحكومة الصومالية.
ويرى مدير معهد هورن إنترناشيونال للدراسات الإستراتيجية حسن خانينجي أن الهدف من هجمات الشباب الأخيرة هو خلق انقسامات داخل السكان، وترهيب الحكومة، وإظهار أن الجماعة لم تمت وأنها قادرة على الانتقام، في إشارة إلى تصفية الأميركيين لعبد الله ياري بداية الشهر الماضي، وهو أحد قادة حركة الشباب البارزين.
وقد فاجأت نجاعة وفعالية العملية الأخيرة مراقبي برميل البارود الصومالي، على حد تعبير المراسل الذي نقل عن الخبير في مجموعة الأزمات الدولية عمر محمود، قوله: “الزخم واضح في الجانب الحكومي”، وهو ما علق عليه حسن خانينجي كذلك بالقول: “هذه هي الحملة العسكرية الأفضل إنجازا -إلى حد بعيد- في التاريخ الحديث”، بل إن الباحث بالمعهد الفرنسي الوطني للبحث العلمي رولان مارشال وصف ما نشهده الآن في الصومال بأنه “لحظة نشوة من وجهة نظر عسكرية”.
واعتبر مارشال أن أهم تطور في هذه الحملة العسكرية الجديدة هو تمكن الجانب الحكومي من استغلال محاور جديدة، إذ استطاع مثلا إقناع مليشيات محلية بالانضمام إلى مجهوده الحربي، وبالذات “المعاويصلي” (ma’awisley)، ومعناها أصحاب التنانير، وهم مزارعون محليون تحولوا إلى مقاتلين.
ويرى مارشال أن من شأن ضم هذه المليشيات أن يمثل “نقطة تحول” في هذا الصراع لصالح الحكومة، مشيرا إلى أن هؤلاء جيدون في استخدام تكتيكات فعالة لمكافحة الشباب، لكونهم سكان محليون يعرفون التضاريس ومواقع الشباب وحقول الألغام وما إلى ذلك.
كما حشدت الحكومة الزعماء المحليين، وممثلي العشائر العديدة التي يقوم عليها النظام السياسي في الصومال، بغية استنزاف حركة الشباب ماليا، حيث تحثهم على منع الزكاة عنهم.
بل إن الرئيس الصومالي الجديد حسن شيخ محمود -وفقا للمراسل- يهاجم الآن الشباب على محور آخر وهو الساحة الدينية، فقد تمكّن من توحيد طيف واسع من قادة السلفيين والصوفيين والإخوان المسلمين، رغم ما يشوب هذه الجماعات تقليديا من تنافس.
ومع ذلك، يوضح المراسل أن حركة الشباب تحتفظ بقبضتها على الريف القاحل في الوسط والجنوب، ولا سيما مقاطعة جوبالاند، وعليه فإنهم -بحسب دبلوماسي غربي تحدث إليه المراسل- “يعانون، لكنهم لم يسحقوا”.
Leave a Reply
View Comments