ليوناردو دي كابريو ممثل ومنتج أميركي، ولد عام 1974، ودخل عالم التمثيل منذ مراهقته، وظهر في التسعينيات كأحد فناني هوليود الرائدين، واشتهر بتمثيله لشخصيات غير تقليدية ومعقدة في كل هذه الأدوار، فرشح لأكثر من 100 جائزة، وفاز بالأوسكار وانضم إلى أساطير الفن العالميين.
ولعل السينما وهوليود لم تكن السر الوحيد وراء سطوع نجم دي كابريو، فاهتمامه بقضايا إنسانية عالمية، مثل حماية البيئة والمناخ والدفاع عن التنوع الحيوي، وسخريته من القادة والمتنفذين “الذين يقولون في هذه القضايا ما لا يفعلون” قد أسهمت بشكل كبير في التمكين لهذه الشخصية في قلوب محبيها.
المولد والنشأة
ولد ليوناردو فيلهلم دي كابريو في 11 نوفمبر/تشرين الثاني 1974 بمدينة لوس أنجلوس في ولاية كاليفورنيا بالولايات المتحدة، لأبوين من أصول أوروبية، فوالده جورج دي كابريو بافاري إيطالي، أما والدته فألمانية.
صادف نجم فيلم “تايتنك” مفارقته الأولى، حين تلقت الأم ركلته الأولى وهو في رحمها، في وقت كانت تشاهد إحدى لوحات ليوناردو دافنشي، فقرر الأبوان إطلاق الاسم على المولود القادم، لكنهما انفصلا ولم يكمل “دي كابريو” الصغير عامه الأول، واضطرت الأم لرعاية طفلها، فلم تقدر على الإقامة سوى في أفقر وأقذر أحياء المدينة.

الدراسة والتكوين العلمي
كانت نشأة دي كابريو ترشحه للموت نتيجة جرعة مخدرات أو السجن مدى الحياة، أو الموت شابا برصاص أطلق من قبل عضو بإحدى عصابات المخدرات في لوس أنجلوس، ذلك أنه قضى طفولته وجزءا من شبابه في حي يتكون من منازل متهالكة، وفقراء بلا مأوى، وعصابات مخدرات وبيت للدعارة على ناصية الشارع الذي يسكنه، وقد تأثر بتلك البيئة لفترة قصيرة حتى أنه كاد يطرد من مدرسته.
حافظ الأب، الذي كان يعمل في توزيع كتب الرسوم الكارتونية، على علاقة جيدة مع ابنه، لكن الأم كان لها الدور الأكبر في الدفع بابنها نحو الحلم الذي وُلِد معه في عمر مبكر، خاصة أنه لم يكن محبا للدراسة فتركها مع بداية المرحلة الثانوية، رغم أنه كان يحلم بأن يصبح عالم أحياء بحرية، لكن اهتمامه استمر معه حتى بعد دخوله عالم التمثيل والإخراج.
التجربة الفنية
عمل دي كابريو لأول مرة في سن الخامسة، حيث قدم أداء في برنامج الأطفال التلفزيوني “رومبر روم”. وفي مرحلة المراهقة، قدم العديد من الإعلانات التجارية والأفلام التعليمية.
وعام 1990، بدأ في الظهور في سلسلة من البرامج التلفزيونية، منها “لوسي الجديدة، روزين”.
وعام 1991 أدى دورا في المسلسل الكوميدي “آلامٌ متنامية” والعام ذاته، ظهر دي كابريو أيضا على الشاشة الكبيرة في فيلم الرعب “المخلوقات 3” (Critters 3).

جاءت انطلاقة دي كابريو الحقيقية عام 1992 عندما تغلب على 400 متقدم آخر، ليقوم بدور أمام روبرت دي نيرو في “حياة هذا الفتى” والذي عرض عام 1993، وحصل دي كابريو على تقييمات رائعة.
وبالنسبة لفيلمه التالي “ما يشغل غلبرت غريب” 1993، فقد حصل على ترشيح لجائزة الأوسكار لأفضل ممثل مساعد، عن أدائه دور مراهق يعاني من إعاقة ذهنية.
بعدها، قدّم دي كابريو العديد من الأدوار الرئيسية في أفلام مثل “مذكرات كرة السلة عام 1995″، “روميو وجوليت عام 1996”. أما شهرته العالمية فحصل عليها من خلال الفيلم الأشهر والأضخم ميزانية وإيرادات، وهو “تايتنك” الذي أدى بطولته مع الممثلة “كيت وينسلت” وأخرجه جيمس كاميرون عام 1997.
رغم إغراقه بالعروض للظهور في الأفلام الرائجة، تبنى دي كابريو بدلا من ذلك أدوارا تضمنت الشخصيات المعقدة التي باتت تحدد حياته المهنية، ففي عام 2000 قام ببطولة الفيلم التراجيدي “الشاطئ” (The Beach) في دور قصة شاب يبحث عن الجنة.
وعام 2002 ظهر في فيلم “عصابات نيويورك” الذي أخرجه مارتن سكورسيزي، وهو يتحدث عن رجال العصابات في مدينة نيويورك منتصف القرن الـ 19.
وفي العام نفسه لعب دور البطولة مع توم هانكس في فيلم “أمسكني إن استطعت” للمخرج ستيفن سبيلبيرغ، ثم عاد للعمل مع المخرج سكورسيزي في فيلم “الطيار” عام 2004، ورشح على إثره لجائزة الأوسكار لأفضل ممثل.
أما فيلم “لا تنظر للأعلى” من إنتاج “نتفليكس” فقد أكد النجم دي كابريو أنه وافق على المشاركة في هذا العمل لأن قصته تتمحور حول مذنّب يهدد بالقضاء على الحياة بأشكالها كافة على الأرض، والتي تشبه وضع الأزمة المناخية العالمية المعاصرة.
وفي هذا العمل الساخر يجسد الممثل الأميركي وشريكته في بطولة العمل جنيفر لورنس، دور رائدي فضاء يحاولان عبثا توعية الرأي العام الأميركي المنقسم في بلد تقوده رئيسة لا تتمتع بالكفاءة اللازمة.
ويأمل دي كابريو أن يدفع الفيلم بالشركات والحكومات إلى إجراء “انعطاف جذري” في سياساتها تجاه الأزمة المناخية، لكنه يقر بأنه غير متفائل بدرجة كبيرة بشأن قدرة البشر على مجابهة المشكلة المناخية.

دي كابريو المنتج
لم يتوقف دي كابريو عن العمل منذ مراهقته المبكرة، وبينما بدا أن أقصى طموحه يكمن في التمثيل، وقد حققه بأدوار تعد من كلاسيكيات هوليود، فإن نشاطه الإنتاجي يسير أيضا بخطى محمومة.
كانت بدايته في الإنتاج عام 2004 بفيلم من بطولة شين بين، وهو “قتلة ريتشارد نيكسون”، ويدور حول رجل أعمال أميركي متطرف يقرر تحقيق حلمه بشكل دموي.
لدى دي كابريو خطط لعشرات الأفلام الوثائقية والروائية لا تتعلق بالتغيير المناخي فقط، الذي يعتبره قضيته الكبرى، ولكنه منتج وثائقي محترف بشكل عام، وقد شهد عام 2021 وحده إنتاج 8 وثائقيات تتنوع بين أفلام طويلة وقصيرة وسلسلات، لكنه أنتج أيضا فيلم “لا تنظر لأعلى” عام 2021 الذي شاركته بطولته ميريل ستريب.
الوظائف والمسؤوليات
عام 1998 أنشأ دي كابريو مؤسسة تحمل اسمه وتضع على كاهلها مهمة حماية آخر المواقع البرية على سطح الأرض، وتطبيق حلول ترمي إلى زيادة التواؤم في علاقة الإنسان بالطبيعة.
ويعمل دي كابريو من خلال تقديم المنح والحملات الجماهيرية والمشاريع الإعلامية، على إثارة الانتباه إلى حماية التنوع الحيوي وحفظ المحيطات والغابات وتغير المناخ مع توفير التمويل اللازم.
وتقدم مؤسسة ليوناردو ديكابريو الدعم إلى ما يزيد على عدد 35 من المشاريع الابتكارية في مجال المحافظة على البيئة بشتى أرجاء العالم بهدف حماية النظم الإيكولوجية الهشة وأنواع الأحياء المهمة.
ويعمل دي كابريو أيضا في مجالس إدارة عدة منظمات تتولى حماية البيئة، منها الصندوق العالمي للأحياء البرية، مجلس الدفاع عن الموارد الطبيعية، الصندوق الدولي لرعاية الحيوان، منظمة المحافظة على البحار والمحيطات.
كما يعمل أيضا مستشارا في منظمة “مشروع الحلول” التي تكرس جهودها لرفع مستوى استعمال الطاقة النظيفة والمتجددة.
عينه الأمين العام للأمم المتحدة سفيرا للسلام في مجال التركيز بوجه خاص على مسألة تغير المناخ، وذلك قبل انعقاد مؤتمر قمة المناخ عام 2014، بهدف تحفيز وتنشيط العمل في هذا المجال صوب إبرام الاتفاق العالمي بشأن المناخ عام 2015.
عام 2000 استضاف احتفالات يوم الأرض، وأجرى مقابلات مع الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون في برنامج تلفزيوني خاص عن الاحتباس الحراري.
فقد أعلن دي كابريو عن مشروعه “المراقبة العالمية لصيد الأسماك” (Global Fishing Watch) خلال مؤتمر “محيطاتنا” بوزارة الخارجية في واشنطن، وذلك باستخدام بيانات الأقمار الصناعية، ويتيح مشروعه هذا لأي إنسان لديه اتصال بالإنترنت أن يحدّد مكان الصيد غير المشروع أو المفرط في الوقت الفعلي تقريبا.

المؤلفات والإنجازات
أنتج “جليد على النار” (Ice on Fire) عام 2019، وهو فيلم وثائقي يدرس إمكانية عكس تغير المناخ.
يعرف عن دي كابريو بأنه أحد أكثر المشاهير الذين يهتمون بتغير المناخ، وإنقاذ العالم من الكوارث البيئية، وينتج في سبيل ذلك العديد من الأفلام والأعمال الفنية التوعوية.
ولم يتوقف دي كابريو عند إلقاء الخطابات ونشر الأمور المناخية عبر حساباته على منصات التواصل المختلفة، بل شارك عام 2021 في بطولة فيلم “لا تنظر للأعلى” (Don’t Look Up) الذي عُرض عبر منصة “نتفليكس” وتدور أحداثه بشكل واضح حول أهمية المناخ قبل وقوع كارثة بيئية تنهي العالم.
وقد وجهت له الدعوة مثل غيره من القادة والنشطاء في مجال البيئة ليكون على قائمة كبار الضيوف لحضور فعاليات “قمة المناخ 2022” في مصر (Cop27 2022) وشارك أيضا في قمة الأمم المتحدة للمناخ التي أقيمت في أسكتلندا.
الجوائز والأوسمة
- حصل فيلم “تايتنك” على 14 ترشيحا لجوائز الأوسكار، نال 11 منها، وبسبب هذا الفيلم ارتفعت شعبية دي كابريو ودخل قائمة مجلة “الناس” (People) لأجمل 50 شخصا عامي 1997 و1998.
- حصل على جائزة القمر الصناعي لأفضل ممثل مساعد عن عمله في “المغادرون” (The Departed) عام 2006.
- حصل على 3جوائز “غولدن غلوب” أعوام 2004 و 2013 و 2015، عن أفلام “الطيار، ذئب وول ستريت، العائد”.
- فاز دي كابريو بجائزة الأوسكار عام 2016 لأفضل ممثل عن دوره في فيلم “العائد”، وهذه هي أول جائزة أوسكار يحصل عليها خلال مشواره الفني.
- رشح دي كابيرو لجائزة الأوسكار كأفضل ممثل مساعد، عن أداء دور الفتى المعاق عقليا عن دوره في فيلم “ما الذي يضايق غلبرت غريب” (What’s Eating Gilbert Grape).
- عام 2014، مُنح دي كابريو جائزة كلينتون للمواطن العالمي المرموقة تشريفا له وتقديرا لما يقوم به من أعمال خيرية.
- وعام 2021 اكتشفت شجرة استوائية في غابة إيبو بالكاميرون، وقد أطلق عليها اسم “ليوناردو دي كابريو” اعترافا بالجهود التي يبذلها في حماية هذه الغابة المطيرة.
Leave a Reply
View Comments